هل الإرادة ناتجة عن الأحكام العقلية ،أم أنها استجابة للأهواء والعواطف؟



هل الإرادة ناتجة عن الأحكام العقلية ،أم أنها استجابة للأهواء والعواطف؟
محاولة حل المشكلة :وجود نزعتين مختلفتين:
1-           نزعة مادية حسية الإرادة أساسها الغرائز والأهواء والعواطف 
2-نزعة عقلية تنظر إلى الإرادة على اعتبار أنها تصدر عن الأحكام العقلية .
طرح المشكلة :"المقدمة":يختلف الإنسان مع غيره من المخلوقات في أشياء عدة ،منها بعض الخصائص العقلية كالإرادة مثلا .والتي جعلته بخلاف الحيوان يستطيع التكيف مع عالمه الخارجي وينبذ بذلك كل أشكالالأهواء والغرائز ، وهذا ما جعل الجدل يحتدم بين الفلاسفة والمفكرين ،متسائلين عن مفهوم وطبيعة الإرادة .فكان سؤالهم:هل الإرادة خاضعة للميول والرغبات النفسية أم أن للأحكام العقلية دخل في ذلك ؟
محاولة حل المشكل:
الموقف الأول:" العادة فعل ينتج عن الاهواء والميول"يرى أنصار النزعة الحسيةأمثالكوندياكبان الفعل الإرادي ليسسوى محصلة من محصلات الرغبة بل هو الرغبة بعينها يقولكوندياك في هذا الصدد :"ليست الإرادة انعكاس لرغبة مطلقة بلغت منا حتى اعتقدنا بان ما نرغب فيه يبقى رهين قدرتنا "وهذا لان الإنسان كائن طبيعي ،وبما انه كذلك فان صوت الطبيعة هو من يحركه ، وما الإنسان إلى صدى لهذا الصوت فلو حللنا الإنسان لوجدناه عبارة عن حزمة من الراغبات ولهذا أضافكوندياكقائلا:"الميول والرغبات والعواطف تجسد غريزة لحفض البقاء التي هي الجوهر الرئيسي والمنطلق الأوحد لكل إرادة ".
المناقشة :"نقد"هل نستطيع التسليم بالقول بأن الإرادة هي محصلة حزمة من الرغبات ؟. وهل تستطيع الرغبات أن تصنع إرادة في غياب الوعي؟. فإذا كانت الرغبة سوى حلم في طريق التحقق ،فان الإرادةاختيار منجز.فمثلا الإنسان عندما يرغب في أمر ما فان هذه الرغبة لا تعبر عن الحقيقة لان التجسيد العقلي هنا في مرحلة غياب ،ثم انه يجب على الإرادة  أن تكون مصحوبة بالعزم والرغبة وإلا كانت وهما من أوهام الرغبة
الموقف الثاني: "نقيض القضية":" العادة فعل يصدر عن طبيعة العقل "يرى أنصار النزعة العقلية بأنه لا يمكن أن نتصور فعل أرادي يخرج عن الأحكام العقلية أو الذهنية .ذلك لان الإرادة هي :"القصد إلى الفعل أو الترك مع المعرفة والوعي بمختلف الأسباب الدافعة لذلك وفي هذا الصدد يقولسبينوزا:"إن الإرادة ضرب من ضروب التفكير ،فهي والعقل شيء واحد" وما دامت الإرادة والعقل شيء واحد فان هذا يدل على أن الحيوان له ردود أفعال انفعالية وليست إرادية ،مادام الفكر هو أرقى تجليات الإرادة، ولذا قيل :"لا يكون الفعل إرادياإلاإذا ثبتت صحة إمكانه "
المناقشة :"النقد":لكن نلاحظ أن الانفعالات هي التي تجعل العباقرة يبدعون .وهو ما عبر عنهبراغسون حينما قال :" إن الأبطال والقدسين لا يبدعون في حالة جمود الدم بل يتخيلون الفروض المثمرة في جو ديناميكي تتلاطم فيه الأفكار وتتلاشى "كما ذهبسارتر هو الأخرإلى الاعتقاد بانالإرادة وحدها تستطيع أن تميز بين الخير والشر وليس العقل هو من يقوم بذلك.
التركيب :وعموما إن الإرادة ليست فعلا طبيعي أو نفسي أو ثقافي بل هي فعل ينبثق عن الإنسان مجتمعا ،ذلك لأنها عبارة عن كيفيات  شعورية وهي حالة من الديمومة .وهو ما أكد على براغسون.
الخاتمة :وخاتمة قولنا أنالإرادة نتاجها القرارات العقلية التي قد يدعو إليها الواقع العيني ،لان الإرادة التي لاتتجسد ما هي إلا سوى رغبة جامحة لكن لا تتحقق ومنه فالإرادة في طبيعتها تجمع بين العمق الطبيعي للإنسان والبعد العقلي لان الإرادة بدايتها الدوافع ونهايتها القرارات العقلية .

تعليقات

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

هل يرتبط الإبداع بالعوامل الذاتية أم بالعوامل الموضوعية ؟ هل نعتبر الإبداع ظاهرة فردية أم ظاهرة اجتماعية ؟ هل للقرارات الفردية دخل في الإبداع ؟

هل الفلسفة الاسلامية اصيلة ام دخيلة؟ (الطريقة الجدلية)

هل يفسر الإبداع برده إلى العوامل النفسية أم الاجتماعية ؟مقالة جدلية