اثبت صدق الأطروحة التالية :" إن اللغة في حقيقتها منفصلة عن الفكر ".



اثبت صدق الأطروحة التالية :" إن اللغة في حقيقتها منفصلة عن الفكر ".
الطريقة استقصاء بالوضع .
" طرح المشكلة" :المقدمة:
يشاع عند البعض بان اللغة تتصل بالفكر إذ لا يمكن لها أن تنفصل عنه .وهذا ما نادى به أنصار الاتجاه الأحادي،لكن على النقيض من ذلك يرى أنصار الاتجاه الثنائي،بان اللغة لا تتصل بالفكر بل تنفصل عنه بدعوى أن الفكر سابق عن اللغة ،وهو ما نحن بصدد اثباته الدفاع عنه .فكيف يمكننا إثبات صدق هذه الأطروحة؟.وما هي الحجج التي يمكننا أن ندافع بها عن هذا النسق؟.
عرض منطق الأطروحة :
  يرى أنصار الأطروحة "أصحاب الاتجاه الثنائي " بان اللغة تنفصل انفصال تام عن الفكر ولا تتصل به كون الفكر له أسبقية عن اللغة، ذلك لان الإنسان يفكر بعقله قبل أن يعبر بلسانه فكثيرا ما يشعر بسيل من الخواطر والأفكار تتزاحم في نفسه ،لكنه يعجز عن التعبير عنها ومنه فاللغة عاجزة عن إبراز كل المعاني المتولدة عن الفكر إبرازا كاملا .وهذا قول براغسون"اعتقد أننا نملك أفكارا أكثر مما نملك اصواتا "ويقول أيضا:"الفكر ذاتي وفردي واللغة موضوعية واجتماعية"، ومن هذا يتبين بان تطور المعاني أسرع من طور اللغة ،لان اللغة تعيق تقدم الفكر وتحجزه .لذا قالفاليري
"إن أجمل الأفكار هي التي لا نستطيع التعبير عنها".كما عبر عن هذا أيضا أبوحيان التوحيدي. حين قال:" ليس في قوة اللغة أن تملك كل المعاني "
عرض منطق الخصوم ونقده :
  للأطروحة السابقة خصوم ألا وهم أنصار الاتجاه الاحادي .حيث يرى أنصار هذا الاتجاه بأنه لا فرق بين اللغة والفكر.إذ اللغة عند جون لوك:"هي علامات حسية معينة تدل على الأفكار الموجودة في الذهن"، ويذهب دولا كروابقوله  "إن الفكر يصنع اللغة وهي تصنعه الألفاظ حصون المعاني ".لكن نلاحظ انه في الكثير من الأحيان يعجزالإنسان عن التعبير أو"يعجز القلم عن الكتابة " والدليل على ذلك التجربة النفسية التي تدل على أن الإنسان يشعر بعدم وجود تناسب وتناسق بين قدرته عن الفهم وقدرته عن التبليغ .هذا وبالإضافة إلى أن الرجل الأجنبي في بلد ما حيث لا يتقن لغة ذلك البلد تعيقه اللغة في تبليغ أفكاره ،والسواد الأعظم من الناس يجدون صعوبة في التواصل مع الصم والبكم ، وهذا بسبب اللغة ومن الأمثلة التوضيحية كذلك نجد الأم عندما تسمع بخبر نجاح ابنتها تلجا إلى الدموع للتعبير عن حالتها الفكرية وهذا يدل على أن اللغة ليست لها القدرة على مواكبة الفكر 
الدفاع عن الأطروحة بالحجج الشخصية :
يمكننا الدفاع عن هذه الأطروحة بحجج جديدة تثبت صحتها ،منها رأي أبو حامد الغزالي رحمه الله في كتابه:"المنقذ من الضلال والموصل إلى ذي العزة والجلال".أن أهل الصوفية يصلون إلى مراتب ودرجات يضيق عنها نطاق النطق .فلا يحاول معبر أن يعبر عنها إلا واشتمل لفظه على خطا صريح لا يمكن الاحتراز منه ،كما أن الإنسان وفي الكثير من الأحيان نجده عاجزا عن التبليغ ،فهو يشعر بعجز اللغة عن مسايرة الفكر فمثلا :الأدباء وعلى الرغم من امتلاكهم لثروة لغوية كبيرة ،إلا أنهم يعانون من مشكلة التبليغ ،والطالب في الامتحان كثيرا ما تخونه  اللغة في تبليغ إجابته إلى المصحح ومن الناحية الواقعية يشعر اغلب الناس بعدم المساواة بين قدرتهم على التفكير ،وقدرتهم على التعبير .
التأكيد على مشروعية الأطروحة :"الخاتمة "
وختاما يمكننا أن نقول: إن الأطروحة القائلة :"إن اللغة في حقيقتها منفصلة عن الفكر".أطروحة صحيحة في صيغها الفلسفي ونسقها يمكن  أن نتبناها وان نأخذ بها ،ولا سبيل إلى اتهامها بالفساد ،ذلك لان علاقة اللغة بالفكر علاقة انفصال فالفكر اسبق وأوسع من اللغة وهذه  الأخيرة تعيقه دوما وتعجزه .
ملاحظة :هذه المقالة عبارة عن نموذج حول كيفية الاستقصاء بالوضع.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

هل يرتبط الإبداع بالعوامل الذاتية أم بالعوامل الموضوعية ؟ هل نعتبر الإبداع ظاهرة فردية أم ظاهرة اجتماعية ؟ هل للقرارات الفردية دخل في الإبداع ؟

هل الفلسفة الاسلامية اصيلة ام دخيلة؟ (الطريقة الجدلية)

هل يفسر الإبداع برده إلى العوامل النفسية أم الاجتماعية ؟مقالة جدلية