عوامل نهضة النثر العربي الحديث ورواده
عوامل نهضة النثر العربي الحديث
ورواده
يطلق مصطلح ( عصر النهضة ) على الحقبة الممتدة من دخول حملة نابليون الفرنسية إلى مصر سنة 1798م إلى الحرب العالمية الأولى التي انتهت بسقوط أكثر البلدان العربية تحت الاستعمار الغربي المباشر.
عوامل النهضة
1-
حملة نابليون ، فقد جلب نابليون معه في هذه الحملة المطبعة،
وأنشأ مسرحاً للتمثيل، ومدارس لأبناء الفرنسيين، وجريدتيْن إحداهما بالعربية،
ومصنعاً للورق، ومرصداً فلكياً، كما أقام مكتبةً عامةً، وغير ذلك من الوسائل
الحديثة.
2-العودة
إلى الأصول  والمصادر العربية،
وخاصة كتب التراث التي مثّلت رافداً مهماً من روافد النهضة الحديثة.
3-ظهور
حركات الإصلاح الديني والسياسي في البلاد العربية، ومنها حركة
الشيخ محمد بن عبد الوهاب في شبه الجزيرة العربية، وحركة محمد أحمد المهدي في
السودان، والحركة السنوسية في ليبيا، وحركات الإصلاح التي قادها جمال الدين
الأفغاني وتلميذه الشيخ محمد عبده، وعبد الرحمن الكواكبي في مصر.
4-  
يقظة الأمة
العربية: بدأت
الأمة العربية تتململ من حالة التخلّف والهيمنة العثمانية/ التركية عليها، وتحوّل
هذا التململ مع مرور الزمن إلى يقظة، حين رأت شعوب العالم حولها بدأت في بناء نهضتها.
وقد وقف وراء
هذه اليقظة نفر من أعلام الفكر والأدب في طليعتهم: 
·     رفاعة رافع الطهطاوي (1801-1873) الذي يعدُّ علماً بارزاً من أعلام
النهضة الأدبية في مصر. وكان قد أرسله محمد علي باشا إلى فرنسا ، وعاد منها
مسلّحاً بالعلوم والمعارف واللغات والآداب. وإليه يعود الفضل في تعريب قسم من
العلوم والمعارف، وكان من أهم إنجازاته: تأسيس ( مدرسة الألسن)التي عنيت بتعليم
اللغات الأجنبية، وترجمة عدد من الكتب العلمية والفكرية إلى العربية، كما ألّف
كتباً في التربية والاجتماع، وعنيَ بدراسة التاريخ والجغرافية.
·     ناصيف اليازجي: الذي أسهم في إحياء اللغة العربية عن طريق تدريسها
وكتابة المقامات، وسار على دربه ابنه إبراهيم اليازجي.
·    
 بطرس البستاني الذي أسّس المدرسة الوطنية التي
عنيت بتدريس اللغة العربية والعلوم الحديثة، وألّف قاموس (المحيط)، والموسوعة
العربية في عدة مجلّدات، كما قام بتأسيس جريدة (الجنان).
·    
 عبد الرحمن الكواكبي 
·     نجيب عازوري صاحب كتاب (يقظة الأمة العربية) الذي نشره باللغة
الفرنسية.
5-الطباعة:
تعدّ واحدةً من العوامل المؤثِّرة في نهضة الأدب العربي الحديث، فقد ظهرت في مصر من خلال المطبعة التي جلبها معه نابليون، وبعد خروجه أسّس محمد علي مطبعة بولاق عام 1821م لأجل تلبية الحاجات الحكومية، وإرضاء رغباته في نشر العلم والمعرفة.
ثم انتشرت المطابع في البلاد العربية المختلفة.
تعدّ واحدةً من العوامل المؤثِّرة في نهضة الأدب العربي الحديث، فقد ظهرت في مصر من خلال المطبعة التي جلبها معه نابليون، وبعد خروجه أسّس محمد علي مطبعة بولاق عام 1821م لأجل تلبية الحاجات الحكومية، وإرضاء رغباته في نشر العلم والمعرفة.
ثم انتشرت المطابع في البلاد العربية المختلفة.
               تكمن أهمّية المطبعة في الآتي:
1.   
تعميم الفكر
والثقافة والمعرفة على كلّ الطبقات الاجتماعية.
2.   
تعدّ المطبعة
أُمّاً للصحافة والترجمة والأدب بفضل ما كانت تقوم به من نشر للمقالات والقصص
المترجمة والمؤلّفة.
3.     الدور
الكبير الذي لعبته في نشر كتب التراث التي كانت جميعها مخطوطات، مما شجّع الأجيال
الجديدة على الاتصال بالأدب القديم. 
4.     دورها
في طباعة الكتب المدرسية والمقررات العلمية، الأمر الذي شجّع على حركة التأليف
والتصنيف .
6-الصحافة:
عُرفت الصحافة في العالم العربي في القرن التاسع عشر، وذلك من خلال صحيفتيْن أصدرهما الفرنسيون باللغة الفرنسية، ثم أتبعوا ذلك بإصدار نشرة باللغة العربية عرفت ب ( التنبيه ) وهي تعدّ أوّل صحيفة باللغة العربية، تلتها صحيفة الوقائع المصرية .
وقد أدت الصحف والمجلّات دوراً مهمّاً في النهضة الأدبية الحديثة.
عُرفت الصحافة في العالم العربي في القرن التاسع عشر، وذلك من خلال صحيفتيْن أصدرهما الفرنسيون باللغة الفرنسية، ثم أتبعوا ذلك بإصدار نشرة باللغة العربية عرفت ب ( التنبيه ) وهي تعدّ أوّل صحيفة باللغة العربية، تلتها صحيفة الوقائع المصرية .
وقد أدت الصحف والمجلّات دوراً مهمّاً في النهضة الأدبية الحديثة.
 يمكن تلخيص هذا الدور في الآتي:
1.   
الإسهام في
إحياء التراث الأدبي بنشره والتنبيه إلى ما فيه من جوانب باهرة عن طريق الدراسة
والتحليل والتحقيق.
2.   
نشر النتاج
الأدبي شعراً ونثراً، والتعليق عليه بين الفيْنة والأخرى.
3.   
توثيق الأواصر
بالأدب الغربي عن طريق الترجمة ونشر الأعمال المنقولة إلى اللغة العربية، والتعريف
بالأدب الغربي عن طريق النصوص المترجمة والدراسات التي يُسهم فيها المترجمون
والكتّاب.
4.   
فتح الباب أمام
الفنون النثرية الجديدة كالقصة والقصة القصيرة والمسرحية ، مما هيّأ الأجواء
لتداول هذه الفنون التي وجدت قبولاً واكتسبت حضوراً بمرور الزمن، بعد المعارضة
الشديدة التي جُوبهت بها من قبل أصحاب الذوق المحافظ في بادئ الأمر.
5.   
عممت الثقافة
بعد أن كانت تقتصر على الخاصّة، وصار بوسع فئة كبيرة من طبقات الشعب أن يقرؤوها في
المكتبات التي أُسست لإيداع الكتب فيها.
6.   
أسهمت هذه
المجلات في تحرير اللغة من الأساليب الجامدة، وجنح الكتّاب إلى النثر العفوي
المنطلق من قيود البديع والزخارف اللغوية، كما تنوّعت على صفحاتها الموضوعات وأصبحت
قريبة من حاجات الشعب ومشاكله وواقعه .
7-الترجمة:
للترجمة فضل
كبير على الأدب العربي بصفتها وسيلة اتّصال بين الشرق والغرب، وقد كان هذا التأثير
في النثر أكبر منه في الشعر، ذلك أنّ ما يفقده الشعر من إيحاءات ودلالات في
الترجمة أكبر بكثير مما يفقده النثر. وقد كانت الترجمة في بادئ أمرها لا تهتمّ
كثيراً بالدقّة الحرفية في نقل النص الأصلي، فكان أكثر المشتغلين في هذا الباب
يميلون إلى أخذ الفكرة ثم إعادة صياغتها بأساليبهم، ظنّاً منهم أنّ هذا يقرّب
المادة المترجمة إلى الذوق العربي، فرخّصوا لأنفسهم حذف بعض المشاهد الغرامية،
وترك الكلمات التي تخدش حياء القارئ، وكذلك أضافوا للأصل من الأساليب العربية ما
ينسب إلى التحلية والتنميق، كإدخال شواهد شعرية وأغانٍ وبعض الطرائف، وقد أسهم هذا
الصنيع في تشجيع القُرّاء على الإقبال على الأدب الغربي والاستمتاع بقراءته
والترويج له بين جمهور المتلقيين.
ومن أهم أفضال
الترجمة على النهضة الأدبية الحديثة:
4-  
عرَّف الأدباء
إلى كثير من مظاهر تطوّر الأدب وأساليب التعبير في مختلف الأجناس الجديدة، وخاصّة
القصّة والرواية والمسرحية.
5-    وقوف
الأدباء العرب على المذاهب الأدبية والنقدية، وتطبيق الكثير منها
على الأدب العربي الحديث، شعره ونثره.
على الأدب العربي الحديث، شعره ونثره.
6-    تعرَّف
الأدباء عن طريق الترجمة على التراث الأدبي والنقدي في الغرب منذ أقدم العصور،
فترجموا الملاحم والمسرحيات وكتب اليونان والرومان مما لم يُترجم من قبل.
7-  
ترجم المهتمون
بالترجمة لأبرز أدباء الغرب ونقّاده في العصر الحديث.
8-    قدّمت
الترجمة خدمةً جليلةً للنثر فخلّصته من قيود الصنعة وطغيان البديع، ودفعت به إلى
العناية بالمضمون بدلاً من الاقتصار على الاهتمام بالشكل الذي كان يرهق الأدب
ويثقله.
8-البعثات العلمية: 
لم يكن الشرق
العربي خالياً خلوّاً تامّاً من المدارس في بدايات النهضة، وإنما كانت المدارس فيه
– على ندرتها – قديمة النظام وتكاد لا تعرف إيِّ لونٍ من ألوان التعليم العصري.
ولذلك دُهش
الطلاب الذين أوفدهم محمد علي باشا للدراسة في فرنسا من النظام المدرسي والتعليم
بها كما وصف ذلك رفاعة الطهطاوي فيى بعض كتبه. وكان
محمد علي الذي تولّى الحكم في مصر بعد الفرنسيين قد عَنيَ بإرسال المبعوثين إلى
أوربا هادفاً من ذلك إلى بناء دولة عصريِّةٍ على غرار الدول الأوربية،فذهب هؤلاء
المبعوثين ليتخصصوا في مختلف العلوم والآداب، فكانت أول بعثةٍ أُرسلت إلى فرنسا
يقودها رفاعة رافع الطهطاوي ضمت أربعةً وأربعين طالباً للتخصص في الطبِّ والهندسة
والكيمياء والزراعة والعلوم الأخرى.
ثم توالى
إرسال البعثات تِباعاً، وأعقب ذلك افتتاح مدرسة في باريس سُمِّيت بمدرسة البعوث
التحق بها عدد كبير من الطلاب الذين عادوا بعد الدراسة فيها إلى مصر مسلّحين
بمختلف العلوم، وعُيِّنوا في مصر مدرّسين ومترجمين وأطباء وموظّفين.
بالإضافة إلى هذه البعثات الرسمية التي تقوم بها الدولة كان هنالك الطلاب الذين يذهبون للدراسة على حسابهم الخاص.
بالإضافة إلى هذه البعثات الرسمية التي تقوم بها الدولة كان هنالك الطلاب الذين يذهبون للدراسة على حسابهم الخاص.
وقد كان من
فوائد هذه البعثات على العلم والثقافة والأدب:
1-  
تعرُّف العرب
على نظام التخصُّص والحصص وأساليب التقويم والقياس الجيّد التي كان يفتقدها
التعليم التقليدي لديهم.
2-  
أسهم هؤلاء
المبعوثون إسهاماً كبيراً في النهضة الأدبية من خلال اطّلاعهم على الآداب الغربية
القديمة والحديثة.
3-  
عمل بعض هؤلاء
على ترجمة الآثار الأدبية فأغنوا المكتبة العربية بالكنوز الغربية في القصة
والرواية والمسرحية.
من رواد
النثر الحديث
(1) أديب اسحق
ولد ببيروت، ونشأ فيها، ثم ذهب إلى
القاهرة، وأقام فيها، وتتلمذ على يد جمال الدين الأفغاني، فاستقى منه علماً كثير.
تعلم اللغة الفرنسية ، وبدأ في ترجمة المؤلفات الفرنسية ونقلها إلى اللغة العربية
وبخاص في مجالي القصة والمسرحية.
 بدأ حياته الأدبية محررًا بجريدة التقدم ببيروت،
ثم انتقلت الجريدة إلى مصر ونالت شهرة عالية، وقد كانت كتاباته في البداية مسجوعة،
ولكن سجعه كان ذا لون خاص، إذ كان يعمد إلى الخيال، ويُكسب مقالاته عاطفة وطنية
جياشة قوية، ويدعم كلماته باقتباسات من القرآن الكريم. 
نموذج من نثره المسجوع:
( ما ضر زعماء هذه الأمة لو
سارت بينهم الرسائل بتعيين الوسائل، ثم حشدوا إلى ما كان يتذاكرون فيه ويتحاورون،
ثم ينادون بأصوات متفقة المقاصد كأنها من فم واحد: قد جاءت الراجفة تتبعها
الرادفة، فذرت حقوقنا فصارت هباء منثورا، ولمت بنا القارعة ووقعت الواقعة فصرنا
كأن لم نغن بالأمس، ولم نكن شيئا مذكورا...) 
أعماله:
1- إصدار جريدة مصر.
2- إصدار جريدة التجارة.
3- إصدار جريدة القاهرة.
4- ترجمة القصص والمسرحيات عن اللغة الفرنسية.
سماته الأسلوبية:
1- الجمل القصيرة.
2-  تخير الكلمات بدقة وعناية.
3- السجع غير المتكلف.( وإن كانت بعض
مقالاته لا تخلو من السجع المتكلف).
4-الاقتباس من القرآن الكريم.
5- الإكثار من الترادفات اللفظية.
6-استخدام الخيال من محسنات واستعارات
وجناس. 
1- أثرى النثر العربي بمقومات الأسلوب
الأدبي.
8- أدخل الأسلوب الخطابي في الكتابة.
9-التنوع والمزاوجة في الكلمات ذات الجرس الموسيقي التي
تجتذب الأذهان.
10- أثرى الأسلوب الأدبي بألوان من
الخيال والأمثال.
11-  
دعوته إلى
التخلص من السجع والتمسك بالنثر المرسل.
12-الخروج بالأدب عن الذاتية إلى الموضوعية.
13- الاهتمام بالفكرة إلى جانب العبارة
14- وضع أصولاً وقواعد للمقالة الأدبية.
 (2) الشيخ محمد عبده
مولده ونشأته:
نشأ في قرية ( محلة نصر) إحدى قرى مديرية البحيرة بالريف
المصري، وكان أبوه صاحب مكانة ملحوظة في القرية، وبعد إتمامه للقرآن الكريم أرسله
والده إلى طنطا لاستكمال تعليمه، فعجز عن استيعاب العلوم والمعارف نظرا لأسلوب
التدريس القديم، ولكن أباه أصر على تعليمه مما أدى به إلى هروبه إلى خاله الذي أثر
كثيرًا في حياته، فزرع الزهد والتقوى في قلب محمد عبده وحبب إليه دراسة الدين،
وتحول الشيخ محمد عبده إلى الأزهر فدرس النحو والفقه والتفسير، ولما كانت طريقة
التدريس بالأزهر تقليدية فلم يلم آنذاك بالعلوم والمعارف الحديثة، ولكن خاله لفت
أنظاره إلى أهمية هذه العلوم والمعارف .
وقد التقى بجمال الدين الأفغاني ووضعا معا أسس الإصلاح
الديني في العالم الإسلامي كله.وكل ما كان يشغلهما من خلال دعوتهما للإصلاح هو
يقظة العالم الإسلامي على مواجهة الغرب الذي يرغب في الاستيلاء على مصادر الثروات
الطبيعية والبشرية في ديار الإسلام الممزقة التي يحكمها الجهل.
لذلك قاما بتوجيه دعوتهما إلى العقل المسلم ينفيان عنه
الخرافة والتواكل والدروشة ، ويحررانه من عبودية الشكليات.
مواقفه السياسية:
انضم الشيخ محمد عبده في صفوف المعارضة للمطالبة
بالحريات الدستورية وكان ذلك في عهد الخديو إسماعيل، وما لبث أن خُلع إسماعيل
وتولى ابنه الخديو توفيق الذي  شعر بخطر
الرجلين، فقام بعزل جمال الدين الأفغاني إلى باريس،  واشتدت معارضة محمد عبده للخديو الجديد ، ثم ضد
الاحتلال الإنجليزي ، فنُفي إلى بيروت، واستدعاه جمال الدين الأفغاني إلى باريس ،
وأسسا معا جمعية العروة الوثقى، وكانت ذات صبغة سياسية ، ثم أصدرا معا جريدة
العروة الوثقى عام 1884م وقد كان لهذه الجريدة أثر كبير في العالم الإسلامي ولكن
لم يصدر منها سوى ثمانية عشر عددا وافترقا الرجلان ثانية وعاد الشيخ محمد عبده إلى
بيروت.ثم عفا عنه الخديو فرجع إلى مصر.
مؤلفـاته:
رسالة التوحيد.
شرح مقامات بديع الزمان الهمذاني.
نهج البلاغة.
الإسلام والنصرانية مع العلم والمدنية.
أعماله:
تحديث الأزهر الشريف.
إصلاح المحاكم الشرعية.
الرد على طعون هانوتو 
ورينان ضد الإسلام.
تفسير القرآن الكريم  بعيدا عن التقليد، وبما يوافق روح العصر،ولكنه
لم يتم العمل فيه، حيث وافته المنيّة.
 لماذا يعد الشيخ محمد عبده من رواد النهضة في العصر الحديث؟
1-   لاهتمامه باللغة وتحرير الكتابة من
رق التقليد والصنعة ولفظياتها.
2-  
الاهتمام
بالمعنى والبعد عن الزخارف اللغوية.
3-   تأثيره البالغ الذي أحدثه فيمن
عاصروه ومن جاءوا من بعده.
4-   التوفيق بين الفكر الإسلامي وحضارة
العصر ومناهجها العلمية. 
5- اهتمامه بإصلاح التربية والتعليم .
6-تحرير العقول من الجهل والخرافات والأوهام، وملامسة
قضايا العصر.
7- القدرة على تطويع الجماليات اللفظية
القديمة بما يخدم الأساليب اللغوية.
لقد انطلق النثر على يد الشيخ محمد عبده  انطلاقا متحررا نامية قدراته على استيعاب حقائق
العصر في كل ميدان.
(3)  رفاعة الطهطاوي
 (
المؤسس الأول لنهضة مصر الفكرية في القرن الماضي)
ولد رفاعة الطهطاوي بمدينة طهطا بمديرية جرجا  إحدى مدن صعيد مصر، نشأ فيها وتربى، وتلقى
مبادئ القراءة والكتابة ثم سرعان ما حفظ القرآن الكريم ، ثم ترك طهطا بعد وفاة
أبيه هربا من الضائقة المادية التي أحاطت بأسرته.
وفي عام 1816 التحق
بالأزهر الشريف  وتتلمذ على يد الشيخ حسن
العطار الذي كان يُعد من نوابغ العصر في الوعي والثقافة والتفتح فاستقى منه رفاعة
كثيرا ، وعندما بلغ رفاعة الخامسة والعشرين عمل مدرسا بالأزهر الشريف.
وفي عام 1826 سنحت له
فرصة السفر إلى باريس، في بعثة علمية ضمّت أربعين شابا، وقد لفت رفاعة الطهطاوي
أنظار مدير البعثة السيد جومار، الذي وجّه رفاعة إلى تعلم اللغة الفرنسية وترجمة
مبادئ العلوم عنها.
وقد مكث رفاعة في فرنسا خمسة سنوات استقى فيها الكثير من
العلوم والمعارف، وعاد إلى مصر وهو مملوء بالمعاني الجديدة فبدأ في إنشاء المدارس
وترجمة الكتب وتبسيط العلوم والمعارف،ونشر الكتب، وتحرير المقالات الصحفية. وقد
اكتسبت الصحافة على يديه  تقدما في فن
المقالة الصحفية، وتخرج على يديه جيل المترجمين الأوائل  الذين أثروا الحياة الثقافية في مجالي الفكر
والعمل.
أعماله :
1- إنشاء مدرسة الألسن وتأسيسها عام 1835م.
2- تحرير جريدة الوقائع المصرية.
3- تحرير مجلة روضة المدارس.
4- دعوته إلى التجديد والإيمان بقيم إنسانية جديدة في
الفكر والعمل.
5- تخليص المرأة من ربقة الأوهام والمخاوف والتقاليد
الجائرة. ودفعها إلى الحياة للمشاركة في بنائها.
 من مؤلفاته:
1- تخليص الإبريز في تلخيص باريز.
2- مناهج الألباب المصرية في مباهج
الآداب العصرية.
3-المرشد الأمين للبنات والبنين.
4- أنوار توفيق الجليل، في أخبار مصر
وتوثيق بني إسماعيل.
5- نهاية الإيجاز في سيرة ساكن الحجاز.
 هذا بالإضافة إلى ما ترجمه من كتب لعل من أهمها:
 مواقع الأفلاك في وقائع تليماك،   الذي ترجمه عن كتاب فيلنون
 قلائد المفاخر في غريب عوائد الأوائل
والأواخر، الذي ترجمه عن كتاب ديبنج 
لماذا يُعد رفاعة علما
من أعلام رواد النثر الحديث؟
1- أغنى النثر بالمصطلحات ، وأطل به على حضارة العصر ومكتسباته العقلية
والمادية.
2-  إغناء
الفكر العربي الحديث والإشراف به على آفاق الحياة المعاصرة.
3- تيسير
اللغة وتطويعها وإغناء معجمها بمصطلحات الحضارة الحديثة .
4-   تبسيط
التعبير والبعد عن التكلف والقيود.
5-   إدخال
أسلوب العرض المباشر التقريري الواضح.
ملحوظة:
على الرغم من أن رفاعة رافع
الطهطاوي وقع في أخطاء  تعبيرية، فقد غلبت
عليه بعض تقاليد السجع، ولجأ إلى العامية أحيانا، ونقل الألفاظ والمصطلحات نقلا
حرفيا من اللغة الفرنسية، وقام بتصريفها واشتق منها وكأنها كلمات عربية، إضافة إلى
عدم خلو أسلوبه من  الركاكة والاضطراب
أحيانا، إلا أنه يُعد علما من أعلام النثر الذين ساهموا في تطويره، وأغناه بالكثير
من المصطلحات والمعاني، بل ويُعد ـ بحق ـ المؤسس الأول لنهضة مصر الفكرية في القرن
الماضي.
 (4) بطرس البستاني
كان
مولده عام 1819م بلبنان، ينتسب إلى أسرة كانت
تعمل بالزراعة،ورث عن أسرته الحياة الجادة الكادحة، بدت عليه ملامح النبوغ منذ
صغره، وقد درس البستاني علوم اللغة العربية والتاريخ والجغرافيا والمنطق والفلسفة
واللاهوت، ودرس من اللغات السريانية واللاتينية والإيطالية والإنجليزية.
 وفي
عام 1840 عمل ترجمانا للإنجليز  ببيروت لرجال البعثات التبشيرية
البروتستانتينية الأمريكان، فتحول مذهبه الديني من المارونية إلى المذهب
البروتستانتي، ثم ساهم مع الإنجليز الذي اتبع مذهبهم البروتستانتي في إنشاء  مدرسة ( عبية البروتستانتينية ) وأخذ يدرس فيها
النحو والحساب ويتعمق في درس الإنجليزية، ويترجم عنها بعض الكتب.
ثم درس
اليونانية والعبرية، وألم ببعض معارف العصر الحديثة ، وقد كوّن معجمه الشهير محيط
المحيط واختصره فيما بعد باسم قطر المحيط.
 وفي
عام 1860م، إثر أحداث الستين الطائفية، نشر
مجموعة من الرسائل الصغيرة، في شكل جريدة ذات صفحتين أسماها:  نفير سورية، كان يحث من خلالها مواطنيه على
التآخي والتقارب.
ثم أسس
مدرسة  ( المدرسة الوطنية) عام 1863م، التي كان يغرس من خلالها بذور دعوته إلى السلام
والمحبة في قلوب الصغار.
ثم
أصدر مجلته نصف الشهرية: ( الجوائب) عام 1870م،
ثم أتبعها بجريدته ( الجنان)، ثم ( الجنينة) عام 1871م،
وفي عام 1875م دخل ميدانا جديدا وضع من خلاله
أشهر  آثاره، وهي موسوعته الكبيرة التي
سماها ( دائرة المعارف). 
ملامح تطور النثر على يديه:
 لقد أحدث في ميدان الفكر والأدب واللغة والثقافة
تطورات كثيرة.
1-    كان أول من أنشأ مدرسة وطنية تعني
باللغات الأجنبية وثقافاتها عناية كبيرة.
2-   أول من أنشأ مجلة علمية لا صلة لها بالدولة ودوائرها.
3-  أول من أخرج قاموسا عربيا حديثا يطل على الحياة التي
نحياها.
4- أول من خاض عباب الموسوعات الثقافية
الكبيرة ، فكاد يسد في العربية ثغرة لم تقدر على سدها الأجيال من بعده.
   5-     كان أحد الدعاة على تحرير اللغة
والأدب من رواسب الركاكة في اللفظ والمعنى.
6-          ساهم في تطويع اللغة العربية كي
تتسع للتعبير  عن آفاق جديدة ، ودخل باللغة
العربية إلى معركة الحضارة من خلال تفسير 
معانيها الدقيقة، ووصف أدوات حضارتها ومؤسساتها الكبيرة، وفهم نتاجها
الفكري والمادي.
7-   حث المواطنين على قيمة العلم ، وتربية الوعي بقيمة
الكلمة .
8-  لفت الأنظار إلى استخدام اللغة الهادئة الواضحة البعيدة
عن كل زينة واصطناع
تعليــق
إن ما قدمه بطرس البستاني من نثر (
ومعظمه ، نقل وترجمة)، ما كان ليرقى به على مصاف الرواد، لو لم يصنع للنهضة هذا
الصنيع الكبير :بناء  المؤسسات الصحفية
والتعليمية العالية، وتكوين المعجم الحديث ( محيط المحيط)، والموسوعة الثقافية (
دائرة المعارف)  التي فتح بها على الفكر
العربي باب المعارف الإنسانية الواسعة،وبالدعوة الخالصة إلى تحرير اللغة والأدب،
وتعليم المرأة وتقدير رسالتها، ومخالطة الثقافات الإنسانية والتأثر بها في الفكر
والعمل، لهذا كله وضع اسمه في مصاف الرواد.
 (5) أحمد فارس الشدياق
لقد تجمعت للشدياق صفات عديدة جعلته من أكبر الرواد في
تاريخ النثر الحديث وهي:
1- ثقافته العربية الإسلامية المتنوعة ، والتي طعّمها
بألوان مختلفة من ثقافات العصر الجديدة.
2- أسفاره الواسعة، ومخالطته للأدباء
والعلماء.
3-  عمله في الصحافة.
4-   تعدد اللغات التي يحسنها( الفارسية،
والتركية، والإنجليزية، والفرنسية).
5-   تجربته الإنسانية وقدرته الذهنية
على الوعي بهذه التجربة والنفوذ إلى معانيها، وجرأته على تحليلها والخروج بها على
الناس.
6-   نشر مصادر التراث الأدبي المخبوء، عن طريق مطبعة
الأستانة.
مظاهر تطور النثر على يد
الشدياق:
1-تخلص النثر من قيود الزخارف البديعية التي كانت شائعة في
كتابات العصر.
2- قدرة النثر على مخاطبة الإنسان
العربي في مجتمعه الحديث، وعلى التعبير عن همومه ومطامحه وقضاياه.
3-الابتكار والتوليد الفني. 
4-  التعبير السهل ، والفكرة الواضحة المحددة.
5-ارتباط النثر الدائم بوقائع الحياة
الجارية وملابستها المتجددة.
6- وضع مصطلحات لغوية صالحة نقل بها
الفكر العربي الحديث وأدبه نقلة واسعة إلى مدارج الحضارة الحديثة، ومن هذه
المصطلحات على سبيل المثال: (المؤتمر، البرق، البريد، الأسطول، الأزمة، الحافلة..)
 من مؤلفاته:
سر الليال في القلب والإبدال.
الجاسوس على القاموس.
منتهى العجب في خصائص لغة العرب.
خبرية أسعد الشدياق.
الساق على الساق فيما هو الفارياق.
(6)  عبد الرحمن الكواكبي
ولد بحلب عام 1854م ،
وتوفيت والدته وهو لم يتجاوز السادسة بعد من عمره، فأرسله والده إلى خالته
بأنطاكية لتكفله، وقد كانت خالته محبة للعلم فبدأ تعلمه على يديها، ثم انتقل إلى
حلب والتحق بالمدرسة وتلقى بعض العلوم والمعارف،   ثم تعلّم اللغة التركية
والفارسية ومبادئ الرياضيات والطبيعة على يد أساتذة من أصدقاء أبيه، ثم تلقّى عن
أبيه  معارف في الدين والأدب. ثم تعلم بعض
مبادئ العلوم عن طريق قراءاته مثل: علم النفس والأخلاق والسياسة والطبائع والفلسفة
، ثم درس القانون وفتح مكتبا للمحاماه.
وقد كان الكواكبي على صلة ببعض المفكرين الغربيين الذين
تأثر بهم من مثل المفكر الإيطالي الفييري بالإضافة إلى آخرين من مفكري أوربة
وأدبائها الكبار.
عمل وهو في الثانية والعشرين في جريدة فرات العربية
التركية ، وقد وجه معظم جهوده في نقد السياسة الإنجليزية، وقد أثار هذا العمل عليه
خصومات كثيرة ولفقت له بعض التهم والتي كان من اشدها خطرا أن رموه بتهمة التواطؤ
مع دولة أجنبية لتسليم البلاد لها. وتذكر بعض المراجع عنه أنه مات مسموما من قبل
خصومه وأعدائه. 
مؤلفاته:
1- أم القرى.
2-   طبائع الاستبداد
2-صحائف قريش.
3-  العظمة لله..
4- أنشأ جريدتي الشهباء والاعتدال.
أثره في تطور النثر العربي:
1-   تخليص النثر من التكلف والصنعة.
2- إدخال الصور الصارخة في التعبير.
3- القضاء على المقالات الإنشائية
الجوفاء.
4- إدخال الطابع الروائي في أسلوب
الكتابة. 
خصائص أسلوبه:
1- الجمل القصيرة.
2-  التكرار .
3- ارتباط كلماته بقيم اجتماعية ونفسية
مثيرة.
4-اختيار الصور الصارخة في التعبير.
5-الإكثار من استخدام أسلوب الاستفهام
الاستنكاري قي الكتابة. 
تعليقات
إرسال تعليق