هل الاحتفاظ بالذكريات يعود إلى أساس مادي ؟
هل
الاحتفاظ بالذكريات يعود إلى أساس مادي ؟
الطريقة
جدلية :الإجابة
:
طرح امشكلة : المقدمة:تعد الذاكرة من مشكلات علم النفس التي بحثها ،وذلك لما
تحتله من مكانة في حياة الإنسان من حيث كونها الوسيلة الوحيدة التي تعمل على حفظ
خبراته الفردية والجماعية وهذا بالاعتماد على جملة من العوامل الذاتية والموضوعية
،حيث تتكون بصورة تلقائية أوإرادية، مما يستطيع استرجاعها عند الحاجة في صورة ذكريات.وبما
أن الذاكرة من اعقد الأمور في حياة الإنسان اختلف الفلاسفة حول طبيعتها ، فمنهم من
أرجعها إلى أساس مادي ومنهم من أرجعها إلى حقيقة نفسية .وعليه نتساءل :هل الاحتفاظ بالذكريات يتأثر بالعوامل المادية أم بالعوامل النفسية
؟     
محاولة حل المشكلة :
الموقف الأول:" الذاكرة من اساس مادي "يذهب الماديون وعلى رأسهم ريبوإلىأن الذاكرة من طبيعة مادية حيث بين إنإدراك
الحوادث يترك أثارا ماديا بخلايا القشرة المخية ،والتي يمكن إثارتها مرة أخرى عند
حدوث إدراك مماثل ،ولعل ما جعل علماء النفس يفسرون الظواهر النفسية تفسيرا ماديا ،
هو سيادة المذهب المادي في أوروبا خلال القرن التاسع عشر
"19"يقول ريبو "الذاكرة
وظيفة فيزيولوجية بالماهية ،سيكولوجية بالعرض "كما أنريبو
اعتبر الذاكرة شبيهة بالعادة فالملاحظات التي قام بها العالم بروكا.تبين أن 
حدوث نزيف في قاعدة التلفيف الثالث من الجهة الشمالية يُولد ما ُيعرف
بالحبسة وهي فقدان القدرة على النطق وان إصابة التلفيف من الناحية الجدارية يولد
ما يُعرف بالعمى اللفظي أي عدم فهم معاني الكلماتوأمراض الذاكرة التي تمس الدماغ
تعرف باسمبروكا .أي منطقة بروكا كما تؤكد التجربة
التي قام بها العالم دولي ذلك .حيث قام بدراسة على
فتاة في سن الثالثة والعشرين "23"أصيبت برصاصة
في المنطقة الجدارية اليمنى ، حيث لا تستطيع أن تتعرف على كل الأشياء التي توضع
بيدها اليسرى ،وهذا على الرغم من أنها محتفظة بكافة الإحساسات اللمسية والحراريةفي
حين تستطيع أن تعرف كل ما يُوضع في يدها اليمنى .
"النقد" المناقشة :لكن نحن نعلم
أن فقدان القدرة على التذكر "اثر إصابة دماغية "لا يعني أن المصاب قد
فقد ذكرياته وإلا .فكيف نفسر صعوبة التذكر في أثناءالإغماء ؟فقد يحصل للمصاب وان
يستعيد كل ذكرياته نتيجة صدمة اعنف وهذا ما يمكن أن يكون كرد على أنصار النزعة
المادية . 
الموقف الثاني :نقيض
القضية:الذاكرة
من طبيعة نفسيةيرى أنصار النزعة النفسية ،بأنه في إمكاننا أن نميز بين الذاكرة
الحركية والذاكرة النفسية وهذا ما ذهب إليه الفيلسوفبراغسون
بحيث يرى بان الأولى عمادها الجسم ،لأنها مكتسبة عن طريق الحركة والفعل .أما
الذاكرة الخالصة "المحضة " النفسية فهي
التي تعمل على نقل الماضي في صورة بعض الحالات النفسية .ومن هذا المنطلق اعد
الذاكرة نفسية خالصة وليست فيزيولوجية .ذلك لان خفض درس يتطلب التكرار مرات متوالية
عن طريق التسميع وهو ما يجعل العضلات تكتسب عادات حركية تساعد على انطباع الدرس في
الذاكرة ، وإذاأردنا استرجاعه نعود إلى نفس العادات الحركية القبلية أما الذاكرة
النفسية فهي نوع من التصور يقوم على الزمان ، لذا قيل
:"العادة جسمية والذاكرة نفسية "وخير دليل على ذلك أن الذاكرة مؤلفة من
التذكر والاحتفاظ والتعرف والاسترجاع ثم النسيان ضف إلى ذلك أن التحليل النفسي نظر
الى الذاكرة نظرة لاشعورية .واصدق دليلا على ذلك قول فرويد:"أن
النسيان دليلا على ظهور تجليات اللاشعور الموجودة فينا  "وهوما يجعل النفسانيون يعتقدون أن
الذاكرة روحية سيكولوجية "نفسية "تولد تامة .فالتذكر عند براغسون ديمومي
ذلك لأنه يحمل تاريخا.
النقد "المناقشة"لكن نلاحظ أن براغسون قد بالغ عندما فصل بين الذاكرة الحركية والذاكرة
النفسية لان التجربة تثبت أن الحركة ضرورية للذاكرة .ثم انه انتقد النظرية المادية
ولم يبين أين يُحتفظ بالذكريات النفسية ؟.ثم انه من المبالغة تماما أن نتجاهل دور
العوامل الفيزيولوجية وهو ما أشار إليه بيار جانيه
حينما انتقد براغسون قائلا :"يصعب الفصل التام بين ما هو عضوي وما هو نفسي
".
التركيب :"تجاوز"تجاوزا للخلاف السابق نجد علماء الاجتماع قد ارجعوا
الذاكرة إلىالأطر الاجتماعية نابذين بذلك الخلاف بين النزعة المادية والنزعة
الروحية معتبرين أن الذاكرة تتجاوز الوظيفة الفردية سواء الداخلية أوالخارجية إذ
أن الذاكرة تنطلق من المفاهيم المشتركة بين الأفراد يقول هالفاكس
:"أن الماضي لا يُحتفظ به ،انه يُعاد 
بناؤه انطلاقا من الحاضر والذكرى تكون قوية لما تنبعث من نقطة التقاء الأطر
الاجتماعية ." ثم أن التجارب المكتسبة في ظل المناسبات الدينية والاجتماعية
تقوي الذاكرة بينهم ،غير أن هذه النظرية لا تنبئ بالصدق المطلق .فلو كانت الذاكرة
اجتماعية لكان للإفراد الذين يعيشون في مجتمع واحد نفس الذاكرة .
الخاتمة :وصفوت
القول وختامه أن الذاكرة عملية استرجاع المدركات الماضية ذلك لأنها وظيفة إنسانية
منظمة تترك أثارا في القشرة المخية ،غير أن عملية الاستدعاء تنصب على الخبرات ذات
العلاقة بالحالات النفسية الخاصة ومما تقدم ذكره نستطيع أن نجيب في مقالنا هذا عن
طبيعة الذاكرة قائلين :أنها تتجلى في مختلف أبعاد الإنسان الإرادية منها والغير
إرادية التي لها علاقة بالجانب الطبيعي والثقافي .كما أنها متفاعلة بين الذاتية
والموضوعي.
تعليقات
إرسال تعليق