قيل:" ان الحتمية اساسا الحرية ". اكد صدق الاطروحة .



قيل:" ان الحتمية اساسا الحرية ". اكد صدق الاطروحة .
طرح المشكلة : "مقدمة" : لا نختلف اذا قلنا ان مشكلة الحرية من اقدم المشاكل الفلسفية التي لها صلة بما وراء الطبيعة . لذا فقد شاععند البعض من انصار التحرر انه لا مجال للحديث عن الحتمية  في ظل التحرر  كون الانسان يدعو الى فك القيود  ، في حين هناك من اعتقد عكس ذلكاي  لا وجود للحرية ما دام هناك ما يُعرف بالحتمية ،وهو الامر الذي نعمل علىاثباته والدفاع عنه. فكيف يمكننا ان نثبت الاطروحة القائلة : ان الحتمية اساسا للحرية" ؟وما هي جملة الادلة والبراهين التي تثبت ذلك ؟.
محاولة حل المشكلة :
عرض منطق الاطروحة : يرى انصار هذا الموقف انه  من الواجب ان نرفض الطرح الميتافيزيقي الذي نظر الى مشكلة الحرية على انها مشكلة الانسان ، اذ يجب ان ننظرها من زاوية الواقع . وهو ما نوه اليه الفيلسوف القرطبيابن رشد ، حيث نزع التعارض القائم بين الحرية والحتمية ، واعطى نظرة جديرة بالاهتمام . فالإنسان عنده حر حرية محدودة في حدود قدرته وعلمه ووعيه اذ جاء في قوله :" ان الله تبارك وتعالى قد خلق لنا قوة نقدر بها ان نكتسب اشياء هي اضداد . لكن لما كان الاكتساب لتلك الاشياء ليس يتم لنا الا بمواتاة الاسباب التي سخرها الله من الخارج وزوال العوائق عنها كانت الافعال المنسوبة الينا تتم بالأمرين جميعا ...". ونفس الموقف قد تكرر مع الفيلسوف الفرنسي بول فولكي عندما اقر بان الحرية والحتمية في واقع الامر متكاملتان والتحرر حسبه يقتضي معرفة القيود والموانع والحتميات التي تعترضه . ولقد اعتمد هذا الموقف على المسلمة التالية : ان الحتمية والحرية مفهومان غير متناقضين –حسب الطرح الميتافيزيقي– وانما الحتمية شرط ضروري لقيام الحرية ، اما عن الحجج المدعمة لهذا الطرح نجدها في : اثبات علاقة التكامل بين الحتمية والحرية .
عرض منطق الخصوم ونقده :للأطروحة السابقة خصوم يتزعمهم مثبتي الحرية . حيث يرى هؤلاء انه من التناقض الجمع بين الحرية والحتمية في ان واحد  ، فحسب هذا الموقف اما ان تكون الحرية كمفهوم مطلق موجودة " من دون اي اكراه خارجي او داخلي ". اذ يؤكد انصار الاثبات ان الانسان كائن عقلاني يثبت الحرية من خلال شهادة الشعور. بحسب كل من ديكارت مين دوبران برغسون حيث اعتبرها هذا الاخير احدى مسلمات الشعور والتي ندركها بالحدس ، انها حسبه ذلك الفعل الذي ينبع من الديمومة او الانا العميق ، اما سارتر اعتبر ان الحرية هي جوهر الوجود الانساني ، وهذا الموقف هو ما عُرف باسم الحجة الاخلاقيةبدعوى مشروعية التكليف ، وهو الامر الذي تناولته فرقة المعتزلة اذ اقرت انه يطلب من المكلف اما الفعل واما الترك ، ويؤكد على ذلك الالماني ايمانويل كانط حيث قال : "يجب عليك فانت تستطيع ". لكن هؤلاء الخصوم تعرضوا الى عدة انتقادات منها : هل يعقل ان تكون الحرية موجودة كمفهوم مطلق .الا يمكن ان توجد الحتمية التي تلغيها ؟. ترى فرقة الجبرية بزعامة جهم بن صفوان ان الانسان مسير بإرادة الله اما الفيلسوف باروخ سبينوزا فقد اعتقد بوجود ضرورة الاهية ، كما ان العلم يثبت ان الانسان محفوف بمجموعة من الحتميات تمنعه ان يكون حر حرية مطلقة وفي هذا يؤكد عالم الاجرام الايطالي لومبروز ان المجرمين ليسوا مجرمين بإرادتهم وانما هم مجبرون من الطبيعة البيولوجية كل هذه الادلة تنفي جملة وتفصيلا وجود حرية او ما يقاربها .
الدفاع عن الاطروحة بحجج شخصية :يمكننا ان ندافع عن الأطروحة بحجج جديدة وهي ان الحتميات تلعب الدور الاساسي: يرتبط الانسان بمكوناته البيولوجية التي تفرض عليه السلوكات التي يفعلها لذا فهو يتصرف الا في حدود هذه المكونات ، وهو ما يعرف بالحتمية البيولوجية  بالإضافة الى ان افعال الانسان وافكاره تنطبق عليها قوانين الحتمية ، وهو ما يعرف بالحتمية الفيزيائية .اما الحتمية النفسية فترى ان السلوك الانساني مرتبط بالمجريات النفسية والتي تكون عن شكل منبهات طبيعية ، اما الحتمية الاجتماعية فقد اكدت على ان افعال الانسان الفردية اذا لم تلتزم بقواعد المجتمع واوامره لا تعد افعالا
التأكيد على مشروعية الاطروحة :وفي الاخير يمكننا القول ان الاطروحة القائلة :" ان الحتمية اساسا للحرية" .اطروحة صحيحة في صيغها الفلسفي ونسقها يمكن ان نتبناها وان نأخذ بها لان ما جاءت به امر اكده العلم ، ذلك لأنه كل ما ازدادت معارف الانسان ومعالمه اتسعت دائرة الحرية لديه وتاريخ العلم خير شاهد على ذلك .

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

مقالة جدلية : "هل المنطق الصوري يعصم الفكر من الوقوع في الخطأ

مقالة فلسفية : هل الحقيقة مطلقة أم نسبية ؟

هل الفلسفة الاسلامية اصيلة ام دخيلة؟ (الطريقة الجدلية)