هل يمكن تطبيق المنهج التجريبي على العلوم الإنسانية؟ أدبي

هل يمكن تطبيق المنهج التجريبي على العلوم الإنسانية؟
المقدمة:
إن العلوم الإنسانية هي مجموع الاختصاصات التي تهتم بدراسة مواقف الإنسان وأنماط سلوكه , وبذلك فهي تهتم بالإنسان , من حيث هو كائن ثقافي , حيث يهتم علم النفس بالبعد الفردي في الإنسان ويهتم علم الاجتماع بالبعد الإجتماعي ويهتم التاريخ بالبعدين الفردي والاجتماعي معا في الماضي لدى الإنسان وعليه فالعلوم الإنسانية تهتم بكل ما يتعلق بالإنسان ولقد كان هناك إختلاف بين المفكرين و الفلاسفة حول إمكانية تطبيق المنهج التجريبي على العلوم الإنسانية فمنهم من يرى أنه بإلإمكان تطبيق المنهج التجريبي على العلوم الإنسانية ومنهم من يرى أن لهذه العلوم خصوصياتها التي تميزها عن العلوم الفيزيائية و عليه يستحيل إخضاعها للمنهج التجريبي،والإشكال الذي نطرحه :هل يمكن تطبيق المنهج التجريبي على العلوم الإنسانية؟
الموقف الأول: لا يمكن تطبيق المنهج التجريبي على العلوم الإنسانية .
لا يمكننا تطبيق المنهج التجريبي على العلوم الإنسانية و ذلك لوجود العديد من العوائق التي تقف أمام الباحثين في هذا المجال و يمكن تلخيصها في نقاط هي:
عائق الموضوعية: إن أكبر عائق يواجه الباحث في العلوم الإنسانية هو عائق الموضوعية ذلك أن موضوع العلوم الإنسانية هو الإنسان في حد ذاته فهي مرتبطة به أشد الارتباط ما يجعلها عرضة لذاتيته فيضفي عليها ميوله و عواطفه و رغباته فمثلا في علم التاريخ نجد أن المؤرخ الفرنسي مثلا لو أراد التأريخ للفترة الاستعمارية في الجزائر لطمس العديد من الحقائق ،و المجازر المخزية التي قامت بها بلاده في الجزائر و هذا طبعا راجع لميوله و إديولجيته و عواطفه، و الشيء نفسه نجده في ،والشيء نفسه أيضا في علم الإجتماع فالباحث في علم الإجتماع يخضع لميوله و عواطفه و عادات و تقاليد مجتمعه فلو طلبنا مثلا من عالم إجتماع جزائري البحث في إيجابيات و سلبيات مجتمعه مقارنة بالمجتمع التونسي مثلا لحاول إبراز الإيجابيات التي تميز عادات و تقاليد و أخلاق مجتمعه مقارنة بالمجتمع التونسي و تناسي سلبياته لأنه خاضع لذاتيته بالضرورة، والشيء نفسه نجده في علم النفس فالحادثة النفسية حادثة داخلية لا يحس بها إلا صاحبها و عليه من الصعب إخضاعها للموضوعية ، وعليه يعد عائق الموضوعية من أهم العوائق التي تقف أمام الباحث في دراسة العلوم الإنسانية و هذا ما يؤكده جون ديوي من خلال قوله:" تناول الباحثين للمشكلات الإنسانية من ناحية الاستهجان والاستحسان الخلقيين ومن ناحية الخبث والطهر عقبة في طريق الدراسات التاريخية"
عائق الملاحظة : ثاني عائق يواجه الباحث في العلوم الإنسانية عائق الملاحظة ،والملاحظة العلمية تتميز بالدقة و اليقين و الشمولية و هذا ما يبدو متعذرا في العلوم الإنسانية لأنه تختلف درجة إدراك الظاهرة الطبيعية عن الظاهرة الإنسانية، لأن الأولى تقدم نفسها للباحث شيئاً مستقلاً عنه، تتيح له حرية الملاحظة الخارجية، بوصفها ظاهرة مادية، لها بناء داخلي، يغير من شكلها ومظهرها، ويتفاعل مع المحيط الخارجي الذي توجد فيه، فالباحث في هذه الحالة، يتعامل مع هياكل معينة مجردة من الشعور والتفاعل، أما الظواهر الإنسانية فدرجة تعقيدها أكثر، وهي لا تقدم نفسها على نفس الشكل من البساطة، وليست هياكل ميتة ومجردة عن كل حركة، إنها تتمتع ببناء داخلي خاص، حيث أن الباحث الذي يتعامل مع الظواهر الإنسانية يجد نفسه داخل نظام من العلاقات والتفاعلات ففي علم التاريخ مثلا: الحادثة التاريخية تتميز بأنها فريدة من نوعها و تحدث في زمان و مكان معينين و عليه لا يمكن ملاحظتها ملاحظة مباشرة فمثلا لا يمكننا ملاحظة حادثة المروحة مثلا، و لا ملاحظة معركة 20 أوت 1955 في الشمال القسنطيني،... وهذا ما يؤكد ه عبد الرحمان الصغير في قوله:" النظرية العلمية تشترط ملاحظة الوقائع من أجل اكتشاف القوانين فالحادث البيولوجي يمكن ملاحظته أما الحادث التاريخي فلا يمكن بلوغه"، و الشيء نفسه في علم الإجتماع فالظاهرة الإجتماعية ظاهرة مركبة تتداخل فيها الأسباب النفسية مع الإجتماعية وحتى مع الفيزيولوجبة فالسرقة مثلا قد تكون إما بسبب الفقر أو بسبب سوء التربية أو بتشجيع المجتمعات لها أو بسبب ضعف الوازع الديني أو بسبب دوافع نفسية لا شعورية ، أو بسبب هذه العوامل كلها ،وعليه لا يمكن إخضاعها للملاحظة، و هو ما يواجهنا في علم النفس فالظاهرة النفسية ظاهرة باطنية داخلية لا يعيها إلا صاحبها و لا يشعر بها إلا هو نفسه و عليه لا يمكن ملاحظتها و لا معرفة درجة تأثيرها على نفسية الفرد.
عائق التجريب: ثالث عائق يواجه الباحث في العلوم الإنسانية هو عائق التجريب، و المعروف بأن العلم بإمكانه القيام بالتجربة مباشرة على الظواهر الجامدة عن طريق نقلها إلى المختبر و إعادة إصطناعها في شروط إصطناعية ،و الوصول إلى وضع القوانين التي تحكم في هاته الظاهرة مثلا،و هذا ما نجده متعذرا في العلوم الإنسانية، فالباحث في علم التاريخ لا يمكنه إخضاع الحادثة التاريخية للتجربة فهي أحداث كانت في الماضي ،فالمؤرخ مثلا لا يستطيع التجريب على الحرب العالمية الثانية، و لا الثورة الجزائرية،والشيء نفسه في علم الإجتماع فلا يمكن إخضاع ظاهرة الإنتحار مثلا للتجربة أو ظاهرة الطلاق للتجربة،و هو ما ينطبق في علم النفس ذلك أن الظاهرة النفسية في حد ذاتها ظاهرة كيفية يمكن وصفها و لا يمكن قياسها فكيف بالباحث إخضاعها للتجربة وهذا ما يؤكده جون دلايير من خلال قوله:" إذا حاول الإنسان أن يجعل من الفعل البشري موضوعا حسيا ماديا كما في الفيزياء فإنه لا يحصل إلا على هيكل فارغ".
عائق التعميم: إن منهج العلوم الطبيعية يمكنه إعادة التجربة في ظروف مختلفة زمانياً ومكانياً ووضع قوانين لتعميمها على جميع الظواهر المتشابهة "كأن نقوم بتجربة على الحديد نجده يتمدد بالحرارة فنقول كل المعادن تتمدد بالحرارة"، بينما تتسم العلوم الإنسانية بحركيتها، وتغيرها، وعدم ثباتها، ومن ثم فهي ظواهر انفرادية لا تتكرر تحت نفس الشروط، وليس بإمكان الباحث أن يعيد تركيبها، إنها تاريخية تجسد لحظة تاريخية معينة و لا يمكن تعميم نتائجها فمثلا في علم التاريخ لا يمكن تعميم أسباب الثورة الجزائرية 1954 ،على باقي الثورات التحريرية في العالم العربي "تونس أو المغرب،.." و في علم الإجتماع لا يمكن تعميم أسباب السرقة أو العنف من من فرد إلى فرد فلكل فرد أسبابه و دوافعه، و الشيء نفسه في علم النفس فلا يمكن تعميم سبب مرض شخص بالهيستريا على بقية الأشخاص فلكل فرد أسباب و عوامل أدت إلى مرضه .
عائق الحتمية: الظواهر الإنسانية لا تخضع للحتمية الذي تخضع له الظواهر الفيزيائية فتكرر نفس الأسباب يؤدي في الفيزياء حتما إلى تكرر نفس النتائج و الوصول إلى التنبؤ بالمستقبل،بينما على العكس تماما بالنسبة للظواهر الإنسانية فالظاهرة التاريخية لا تخضع للتكرار فتوفر مثلا نفس الأسباب لا يؤدي دائما إلى نفس النتائج فتوفر الأسباب التي أدت بالإحتلال الفرنسي للجزائر عام 1830 حاليا لا تؤدي إلى معاودة الاحتلال و والشيء نفسه في علم الإجتماع فتوفر الأسباب التي تؤدي إلى الطلاق مثلا بين زوجين لا تؤدي حتما إلى طلاق أسرة تتوفر فيها هاته الشروط، والشيء نفسه في علم النفس فليس بالضرورة و حتما الأسباب التي أدت إلى إصابة شخص ما بالهستيريا تؤدي إلى مرض أ\خاص آخرين إلى الإصابة بنفس المرض، وبالتالي العجز عن وضع قوانين تفسر الظواهر الإنسانية كما هو الحال في الظواهر الفيزيائية.
النقد:
إنه مما لا شك فيه أن هذه الاعتراضات لها ما يبررها من الناحية العلمية خاصة غير أنه ينبغي أن نؤكد بأن هذه الاعتراضات لا تستلزم الرفض القاطع لعملية دراسة العلوم الإنسانية لأن كل علم له خصوصياته المتعلقة بالموضوع وبالتالي خصوصية المنهج المتبع في ذلك الموضوع فهناك بعض المؤرخين و الباحثين في علم الإجتماع و علم النفس استطاعوا أن يكونوا موضوعيين إلى حد ما وان يتقيدوا بشروط الروح العلمية، و يبتكروا مناهج جديدة تتماشى مع موضوعات العلوم الإنسانية.
الموقف الثاني: يمكن تطبيق المنهج التجريبي على العلوم الإنسانية .
في المقابل ذهب بعض المفكرين إلى القول بأنه بالإمكان تجاوز هذه العقبات و دراسة الظواهر الإنسانية دراسة علمية و إخضاعها للمنهج التجريبي بنفس الكيفية و السهولة التي تطبق في المادة الجامدة و هذا من خلال تجاوز مجموع العوائق التي تقف أمام الباحثين في هذا المجال.
تجاوز عائق الموضوعية: حاول الباحثون في مجال العلوم الإنسانية التخلص من الذاتية و تحقيق الموضوعية في أبحاثهم، فالباحث في العلوم الإنسانية يمكنه الوصول إلى تحقيق الموضوعية شريطة أن يحرص الباحث على ذلك وأن يلتزم الحيطة و الحذر أثناء التفسير للظواهر الإنسانية،فلقد إستطاع العديد من الباحثين من دراسة الظواهر الإنسانية دراسة موضوعية و جردوا أبحاثهم من الذاتية و تركوا الوقائع هي التي تتكلم ففي علم التاريخ نجد المؤرخ التونسي ابن خلدون في كتابه المقدمة، و في علم الاجتماع في كتابه العبر،و كذا بعض الأبحاث التي قام بها علماء النفس،باتباعهم مناهج بعيدة عن الذاتية.
تجاوز عائق الملاحظة: تجاوز الباحثون في مجال العلوم الإنسانية عائق الملاحظة ففي علم التاريخ أصبح المؤرخون يستعملون في بحوثهم منهجا خاصا بهم وهو يقترب من المنهج التجريبي ويقوم على خطوط كبرى هي كالآتي:أ* جمع المصادر والوثائق: فبعد اختيار الموضوع يبدأ المؤرخ بجمع الوثائق والآثار المتبقية عن الحادث فالوثائق هي السبيل الوحيد إلى معرفة الماضي وفي هذا يقول سنيويوس:" لا وجود للتاريخ دون وثائق , وكل عصر ضاعت وثائقه يظل مجهولا إلى الأبد"،ب* نقد المصادر والوثائق: فبعد الجمع تكون عملية الفحص والنظر و التثبت من خلو الوثائق من التحريف والتزوير , وهو ما يعرف بالتحليل التاريخي أو النقد التاريخي وهو نوعان: خارجي ويهتم بالأمور المادية كنوع الورق والخ، وداخلي يهتم بالمضمون،ج* التركيب الخارجي: تنتهي عملية التحليل إلى نتائج جزئية مبعثرة يعمل المؤرخ على تركيبها في إطارها الزمكاني فيقوم بعملية التركيب مما قد يترتب عن ذلك ظهور فجوات تاريخية فيعمل على سدها بوضع فروض مستندا إلى الخيال والاستنباط ثم يربط نتائجه ببيان العلاقات التي توجد بينهما وهو ما يعرف بالتعليل التاريخي ، وبواسطة هذا المنهج أستطاع المؤرخون في علم التاريخ تجاوز هائق الملاحظة و التجربةمعا والشيء نفسه في علم الإجتماع فلقد استطاع علماء الإجتماع تجاوز عائق الملاحظة وإخضاع الظاهرة الاجتماعية للدراسة العلمية من خلال التعامل معها ك"أشياء" أو موضوعات لها وجودها الخارجي المستقل عن الذات، قابلة للملاحظة، وهو ما ستطاع علم النفس أيضا تجاوزه ففي الإمكان ملاحظة سلوك الأطفال اتجاه الألعاب التي تقدمها لهم في فترة زمنية طويلة تسجل خلالها ملاحظاتنا لتدرس ما يحدث لسلوكهم اتجاه تلك الألعاب من تغيرات، ونحاول تفسيرها. كذلك يمكن التأثير على الآخرين بمؤثرات معينة مفزعة أو مفرحة أو محزنة، وملاحظة ما يحدث تبعاً لذلك.
تجاوز عائق التجريب: وتجاوز الباحثون أيضا عائق التجربة وأصبح بإمكانهم إخضاع العلوم الإنسانية إلى التجربة،ففي علم التاريخ يمكن القيام بالتجربة على الظواهر التاريخية من خلال المقارنة بين الأحداث التاريخية و النقد الخارجي للمصادر وهذا بواسطة التحليل الكيميائي ومثل ذلك استعمال كربون 14 للتأكد من العمر الزمني للوثيقة و بالتالي إخضاعها للتجربة، والشيء نفسه في علم الإجتماع من خلال الأبحاث التي قام بها دوركايم في كتابه "قواعد المنهج في علم الإجتماع" من خلال تحديده خصائص الظاهرة الإجتماعية و هي "تلقائية يجدها الفرد عند و لادته، و جبرية يفرضها عليه المجتمع و الخروج عنها يؤدي به إلى العقاب و جماعية وضعها و اتفق عليها كل افراد المجتمع "الضمير الجمعي على حد تعبير دوركايم""و عليه يمكن إخضاعها للتجربة ، أما فيما يخص علم النفس فلقد أستطاع و بفض التطور الكبير الذي و صل اليه العلم من اخضاع الظواهر النفسية الى المنهج التجريبي، فلقد استخدم علماء النفس المنهج التجريبي على نطاق واسع في الدراسات النفسية، وبعض التجارب يجريها علماء النفس في معامل خاصة، مجهزة بأدق الأجهزة حيث أمكن إجراء التجارب على الراشدين والأطفال و الحيوانات، فلقد تنوعت وسائل القياس منذ منتصف القرن التاسع عشر، فإما أن تقاس الظاهرة النفسية بواسطة اختبارات لفظية وعملية كاختبارات الذكاء، والقدرات العقلية مثلاً عن طريق الأجهزة المختلفة كأجهزة الارجوجراف التي تقيس التعب العضلي والتنفس من خلال سرعة النبض ودقات القلب، وجهاز كشف الكذب هذا بالإضافة إلى المناهج العديدة المستعملة في هذا المجال كالتنويم المغناطيسي،التداعي الحر،الاستبطان.
تجاوز عائق التعميم: لقد استطاع العلماء و الباحثون في مجال العلوم الإنسانية تجاوز عائق التعميم و الوصول للتعميم في مجال الظواهر الإنسانية وهذا عن طريق البحث في الأسباب الرئيسية للظاهرة و ليست الثانوية فلو نظرنا مثلا إلى الحروب في مجال التاريخ نجد هناك أسباب رئيسية مشتركة بينها فالثورة المصرية الأخيرة و الثورة التونسية لهما نفس الأسباب مثلا و هي تعفن النظام السياسي الحاكم، وغياب الديمقراطية،...، والشيء نفسه في علم الاجتماع فلو نظرنا مثلا إلى ظاهرة الانتحار مثلا فنجد أن هناك أسباب مشتركة مثلا كنقص الوازع الديني، اضطرابات نفسية،...، و الشيء نفسه في علم النفس .
تجاوز عائق الحتمية: لقد استطاع الباحثون في العلوم الإنسانية تجاوز عائق الحتمية والوصول إلى وضع قوانين تمكنهم من التنبؤ بالمستقبل ففي علم التاريخ إستطاع العلامة ابن خلدون وضع قانون أطوار الدولة"سبب نموها و سبب سقوطها و إنحلالها" وفي علم الاجتماع إعتبر علماء الإجتماع الظواهر الإجتماعية - مثل ظواهر الطبيعة - وتخضع لقوانين ثابتة يمكن الكشف عنها بداية مع أوجست كونت الذي سماها بالفيزياء الإجتماعية ،ووصولا إلى دوركايم الذي إستطاع وضع قانون للانتحار في قوله:"إن الميل إلى الإنتحار يزداد مع قلة الروابط التي تربط الفرد بالمجتمع"، و الشيء نفسه في علم النفس فهناك بعض الإختصاصات في علم النفس نجحت بطريقة نسبية في صياغة بعض القوانين في شكل معادلات رياضية مثل علم نفس الذكاء "الذكاء= السن العقلي/السن الحقيقي*100، وكذلك بعض السلوكين كقانون المنعكس الشرطي لبافلوف.
النقد:
انه مما لا شك فيه أن العلوم الإنسانية قد تجاوزت الكثير من الصعوبات التي كانت تعوقها وتعطلها ولكن رغم ذلك لا يجب أن لا نبالغ في اعتبار الظواهر الإنسانية تستطيع أن تكون موضوعا لمعرفة علمية بحتة , كما لا يجب التسليم بأن الدراسات الإنسانية قد بلغت مستوى العلوم الطبيعية بل الحادث الإنساني يبقى حادث إنساني له شروطه و مميزاته لا يستوف كل شروط العلم،كما أن كثرة المناهج في ميدان العلم الواحد دليل على عجز هذه العلوم في تطبيق المنهج التجريبي .
التركيب:
إن للحادثة الإنسانية خصائصها مثلما للظاهرة الحية أو الجامدة خصائصها وهذا يقتضي اختلافا في المنهج وهذا جعل من العلوم الإنسانية علوما من نوع خاص ليست علوما إستنتاجية كالرياضيات وليس استقرائية كالفيزياء و إنما هي علوم تبحث عن الوسائل العلمية التي تمكنها من فهم الظواهر الإنسانية و تفسيرها وعلى هذا الأساس فإن القول بأن العلوم الإنسانية علوم على منوال العلوم الطبيعية أمر صعب،ولكن رغم كل هذه العوائق التي تواجه العالم في هذا المجال إلا أن هذا لا يمنع من محاولة دراستها دراسة علمية مع المحافظة على خصائصها و مميزاتها .
وحسب رأيي الشخصي فإنه يمكن تطبيق المنهج التجريبي على العلوم الإنسانية لكن ليس بنفس الكيفية التي تطبق في المادة الجامدة لأن هذه الأخير تختلف كل الإختلاف عن العلوم الإنسانية التي لديها خصوصيتها و طبيعتها التي تجعلنا نحاول وضع منهج تجريبي يتلاءم مع طبيعة كل موضوع منها سواء في علم التاريخ أو الاجتماع أو النفس
خاتمة:
العلوم الإنسانية تواجه صعوبة في تطبيق المنهج التجريبي لكونه أصلا وضع لدراسة العلوم الطبيعية وقد استعارته العلوم الإنسانية ، مما دفع البعض من العلماء و الباحثين إلى التشكيك في إمكانية تطبيقه على الظواهر الإنسانية المعنوية المتغيرة المشوبة بالذاتية وغير الخاضعة للحتمية إلا الواقع أثبت أنه يمكن تطبيق على كثير من هذه الظواهر في علم النفس والاجتماع وعلم التاريخ لهذا حاولت هذه العلوم تقليد هذا المنهج وتكييفه مع الظواهر الإنسانية للوصول إلى نتائج معتبرة

تعليقات

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

هل يرتبط الإبداع بالعوامل الذاتية أم بالعوامل الموضوعية ؟ هل نعتبر الإبداع ظاهرة فردية أم ظاهرة اجتماعية ؟ هل للقرارات الفردية دخل في الإبداع ؟

هل الفلسفة الاسلامية اصيلة ام دخيلة؟ (الطريقة الجدلية)

هل يفسر الإبداع برده إلى العوامل النفسية أم الاجتماعية ؟مقالة جدلية